“أزمة السودان” تسلط الضوء على سد النهضة.. ما مدى تأثيرها؟
أخبار العالم

“أزمة السودان” تسلط الضوء على سد النهضة.. ما مدى تأثيرها؟



ووفق تصريحات خبراء موارد مائية لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن النزاعات والاضطرابات تعد أحد أبرز أسباب تهديد الأمن المائي للمنطقة العربية، خاصة وأن منابع أنهار الدول العربية ليست في دول عربية، وهو ما يؤدي إلى صعوبات في المفاوضات.

ويحذر الخبراء من أن الاضطرابات في بعض دول المنطقة قد يتم توظيفها في إطار النزاعات القائمة، مثل الاضطرابات في السودان على سبيل المثال، كما ان استمرار هذه النزاعات وعدم التوصل إلى تفاهمات، قد يفاقم أزمة المياه ويهدد الأمن الغذائي أيضًا، وقد تصل الأمور إلى حروب مياه.

اضطرابات السودان

أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة والخبير الاستراتيجي بالجمعية العامة لمنظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة “فاو” نادر نور الدين قال في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الاضطرابات والنزاعات قد يكون لها تأثير حتى لو لم يكن بشكل مباشر.

الاضطرابات في السودان على سبيل المثال قد لا يكون لها تأثير مباشر على الأمن المائي لدول حوض النيل لأن السودان ليست دولة منبع تؤثر على الدول الأخرى، بل دولة ممر ولا تساهم بحصص ملموسة من إجمالي مياه نهر النيل.

 لكن ما يجرى بها من أحداث قد يعطي إثيوبيا الفرصة لانتهاز الحدث وإنجاز المليء الرابع دون مباحثات ولا اتفاق مع السودان ومصر دون أن تظهر أمام العالم بأنها دولة مستغله وتملأ السد بقرار انفرادي دون تشاور مع شركاء النهر.

يتفق معه أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية عباس شراقي، الذي قال في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الاضطرابات في السودان سوف تؤثر على جميع مناحي الحياة في المنطقة.

 أكثر من نصف دول حوض النيل مجاورة للسودان، وسوف يتأثرون مباشرة، منها إثيوبيا التي لها قضيتين مع السودان سد النهضة والحدود الشرقية للسودان.

 من المتوقع أن تستغل إثيوبيا الأحداث السودانية في زيادة المخزون الرابع بقدر الإمكان، مع إلقاء اللوم على عدم استئناف المفاوضات على الأوضاع السودانية.

 قد تحتل إثيوبيا جزءا من الأراضي السودانية المتنازع عليها وفرض سياسة الأمر الواقع في ظل انشغال الجيش السوداني.

نزاعات المنابع

تأتي نزاعات المنابع ضمن مهددات الأمن المائي في المنطقة، ووفق نور الدين، فإن هناك مباحثات بشأن النزاعات التي قد تهدد الأمن المائي في المنطقة.

 هذه المباحثات تستهدف حل المشاكل التي وقعت على سبيل المثال بين العراق وسوريا من جانب وتركيا من جانب آخر بسبب السدود التي أقامتها تركيا على نهر الفرات.

قامت أيضًا مشكلة مشابهة بين سوريا والعراق من جهة وإيران من جهة أخرى، لأن جزء من دجلة والفرات تبع من إيران والتي أقامت أيضًا سدود على هذه الأنهار، وتمت تفاهمات مع تركيا لكن إيران ترفض المباحثات.

هناك أيضا مشكلة بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة، وأساس كل هذه المشاكل أن منابع الأنهار في الدول العربية في دول غير عربية، ومن هنا تنشأ صعوبة المفاوضات مع إيران وتركيا وإثيوبيا.

حتى الآن لم تندلع حروب في المنطقة بسبب المياه، لكن هناك سوء استغلال للمياه وخلافات التي قد تصل إلى حروب مياه حال عدم الوصول إلى تفاهمات.

الفقر المائي المدقع قد يدفع إلى هذه الحروب، والرئيس المصري محمد أنور السادات منذ أكثر من 50 عاما قال تصريحه الشهير في عام 79 بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل، إن الشيء الوحيد الذي قد يضطر مصر للحرب في المرحلة القادمة ليس السياسة وإنما المياه.

لذلك فإن أطماع إثيوبيا في مياه النيل على سبيل المثال واضحة وتهدد الأمن القومي، ولذلك إذا ظهرت سلبيات كثيرة على مصر والسودان قد تندلع حروب المياه، خاصة وأن إثيوبيا تنوي إقامة سدود أخرى على النيل الأزرق الذي يمد نهر النيل بأكثر من 60 بالمئة من موارده.

أزمة مزدوجة

شراقي يشير إلى أن العالم العربي يعاني من مشكلة كبيرة في المياه بحكم الموقع وحكم الطبيعة، والمشكلة تتزايد مع التزايد السكاني، لأن كمية المياه ثابتة والعدد السكاني يتزايد إضافة إلى زيادة استهلاك الفرد.

بطبيعة الحال تؤدي النزاعات إلى تهديد أكبر للأمن المائي في المنطقة، خاصة في ظل وجود مشاكل مع تركيا فيما يتعلق بنهري دجلة والفرات.

مصر أيضًا لديها مشاكل مع إثيوبيا بسبب سد النهضة وتهديد حصة مصر من المياه، كما أن فلسطين والأردن وسوريا لديهم مشاكل كبيرة جدا مع إسرائيل التي تسيطر على الجولان بسبب المياه، حيث إن الجولان تعد مصدر ثلث المياه الإسرائيلية، كما أنها تسيطر على المياه الجوفية الفلسطينية، ولا يستطيع الفلسطينيون استخدام المياه الجوفية إلا بتصريح إسرائيلي.

تأثير هذه النزاعات يتزايد أيضًا في دولة مثل العراق، ورغم أن 50 بالمئة من الموارد المائية في العراق من الداخل و50 بالمئة الأخرى من الخارج، إلا أنها تعاني بسبب النزاع المائي مع تركيا.

تأثير هذه النزاعات يعد أزمة مزدوجة حيث إنه لا يمتد إلى الأمن المائي فقط ولكنه يمتد أيضًا إلى الأمن الغذائي، وهي الأزمة التي تتفاقم حال نشوب حروب مثل الحرب الأوكرانية، أو الحالات الطارئة التي تؤثر على استيراد الأغذية مثلما حدث في فترة كورونا.

 فقر مائي

يشير نور الدين، إلى أن الأمن المائي في المنطقة مهدد في ظل تزايد التحديات، حيث تشير التوقعات إلى أنه في عام 2050 ستكون الدول العربية تحت خط الفقر المائي، وحاليا هناك بعض الدول العربية تحت خط الفقر المائي المدقع برصيد 500 متر مكعب للفرد في العام، وذلك في الوقت الذي يكون خط الفقر المائي عند 1000 متر مكعب.

هناك بعض الدول العربية يصل نصيب الفرد من المياه إلى “صفر” وتعتمد هذه الدول على تحلية المياه، وتعاني دول أخرى من نوبات جفاف شديدة بسبب ندرة الأمطار مثل تونس.

البنك الدولي حذر من الفقر المائي في المنطقة العربية وأن الوضع يزداد سوءا، لذلك هناك اتجاه إلى إنشاء أنهار صناعية مثل مشروع النهر العظيم الذي أعلنت المملكة العربية السعودية عن إنشائه عن طريق وصلات من مصبات الأمطار الغزيرة القريبة منها.

يجب العمل من الآن مع الشح والندرة المائية في المنطقة العربية، بسبب ارتفاع الحرارة وجفاف المنطقة، حيث إن 19 دولة من 22 دولة تعاني من الشح المائي.

المنطقة تحتاج بشكل سريع إلى 25 مليار متر مكعب بشكل سريع للتعامل مع الفقر المائي.





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *