آخرهم تويتر.. كيف تؤثر عمليات تغيير الهوية على الشركات؟
أخبار العالم

آخرهم تويتر.. كيف تؤثر عمليات تغيير الهوية على الشركات؟



يحمل تغيير الشعار دلالات أوسع من فكرة التغيير الشكلي، ذلك أن هذا التغيير يمهد لمشروع تطويري واسع لـ “تويتر” وفي ظل المنافسة مع المنصات الأخرى، لا سيما المرتبطة بـ “ميتا” وآخرها منصة “ثريدز” الأحدث.

وعادة لا تكون قرارات تغيير الهوية البصرية بالأمر اليسير بالنسبة للشركات، لا سيما العلامات التجارية “البراندات” الكبرى؛ ذلك أن مثل هذه القرارات تحكمها عديد من العوامل المرتبطة بالسوق ومدى تقبل العملاء للشعار الجديد وسرعة انتشاره، والرسائل التي يحملها تغيير الشعار.

وفي عديد من المناسبات لجأت شركات كبرى إلى تغيير هويتها البصرية، منها من نجح في تحقيق أهدافه التي يرمي إليها من خلال الشعار الجديد، ومنهم من فوجئ بردود أفعال عنيفة من قبل الجمهور اضطرته لاحقاً إلى العودة لاستخدام الشعار الأصلي، ومنهم من فشل في أن يجد شعاره الأصلي نفس رواج الشعار القديم، ولا يزال العملاء يستخدمون الهوية القديمة.

عملية محفوفة بالمخاطر

تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، تحت عنوان “إعادة تسمية تويتر: التاريخ المهتز لعمليات تغيير الشركات”، سلط الضوء على خمس عمليات إصلاح مماثلة لما تشهده تويتر ترتبط بتغيير هوية شركات بعينها وكيف انعكست على أدائها.

اعتبر التقرير أن “مثل هذا الإصلاح الشامل قد يكون محفوفاً بمخاطر كبيرة، نظراً لتاريخ ردود فعل العملاء العسكية على العلامات التجارية السابقة للشركات”.

جاءت الشركات الخمس التي رصد التقرير تجربتها في عملية تغيير الشعار الخاص بها، على النحو التالي:

– شركة إدارة الأصول Standard Life Aberdeen في العام 2021 غيّرت اسمها بإزالة أحرف العلة لتصبح Abrdn، التي تُلفظ “Aberdeen”. ومع ذلك، على رغم من الانتقادات الكبيرة، فإن الشركة التي تتخذ من إدنبرة (عاصمة اسكتلندا في المملكة المتحدة) مقراً لها والتي يمكن إرجاع تاريخها إلى عام 1825 ما زالت باسمها الجديد.

– تم إجبار علامة الملابس الأميركية Gap على عكس خطط تغيير الشعار الخاصة بها في غضون ستة أيام في العام 2010. كان المستهلكون ينتقدون على وسائل التواصل الاجتماعي التصميم الجديد، والذي قام بتبديل المربع الأزرق المألوف الذي يحتوي على اسم الشركة بأحرف كبيرة نحيفة ذات خطوط رفيعة بحرف أسود صغير من نوع “Helvetica” مع مربع أزرق صغير فوق الحرف “p”.

– كشفت شركة النفط العملاقة BP النقاب عن شعار جديد في العام 2000، أطلق عليه اسم علامة هيليوس نسبة لإله الشمس اليوناني، حيث سعت إلى إعادة تسمية نفسها كشركة طاقة مدركة للبيئة. وقالت إن اسمها سيرمز في المستقبل إلى “ما وراء البترول” بدلاً من شركة بريتش بتروليوم ، لكن نشطاء حماية البيئة لم يتأثروا واتهموا الشركة بـ “التستر البيئي”.

– أعادت Royal Mail التي يرجع تاريخها إلى قرون من الزمان تسمية نفسها باسم “Consignia” في أوائل العام 2001 بعد عملية استمرت عامين لإصلاح صورتها وتقديم جاذبية أكثر حداثة. لكن تم انتقاد التغيير البالغة قيمته مليوني جنيه استرليني باعتباره بلا معنى، واستمر أقل من 18 شهراً قبل إلغائه.

– غيرت الشركة الفرنسية التي تدير قناة Channel Tunnel اسمها من Groupe Eurotunnel إلى Getlink في العام 2017 ، في خطوة قالت إنها أعدت الشركة لحقبة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. قالت الشركة إن الاسم كان “أنجلو ساكسوني للغاية” . لكن وبعد ست سنوات، فإن عديداً من الأشخاص ما زالوا يشيرون إليها بلقبها القديم.

في تصريح خاص لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، يوجز أستاذ التسويق بكلية ريتشارد آيفي لإدارة الأعمال، نراج دوار، المخاطر التي تواجهها الشركات عموما جراء تغيير الهوية، بقوله إن هوية الشركات تحمل الكثير من المعلومات للمستهلكين، وتبعاً لذلك فإن تغيير تلك الهوية يؤثر بشكل أو بآخر على تلك الشركات.

ويضيف أن بعض الشركات تتأثر سلباً بتغيير الهوية (على النحو السابق ذكره في النماذج السابقة) في ظل ارتباط الجمهور بالهوية الأساسية وعدم تقبله للهوية الجديدة، وفي ضوء أن الهوية الجديدة تفتقد الارتباطات المعهودة (ارتباط الجمهور بالشركة)، وبالتالي “يتعين على الشركة أن تبدأ من جديد لبناء معنى الاسم أو الهوية الجديدة”.

الأستاذ بجامعة إتش إي سي مونتريال، جان فرانسوا، المتخصص في إدارة العلامات التجارية، يقول في السياق نفسه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

– دائماً ما يكون تغيير العلامة التجارية أو إعادة وضع العلامة التجارية أمراً خطيراً للغاية بالنسبة للعلامة التجارية أو الشركة؛ لأن ذلك قد يخلق التباساً بين المستهلكين.

– عادةً ما تريد العلامات التجارية الابتعاد عن ذلك قدر الإمكان؛ نظراً لأن العلامات التجارية هي أكبر الأصول غير الملموسة للشركات.

– اللحظات الوحيدة التي عادة ما يكون فيها من المنطقي إعادة وضع العلامة التجارية أو تغيير العلامة التجارية هي عندما تكون العلامة التجارية قد عانت بشدة وبشكل لا يمكن إصلاحه في نظر الجمهور.

هل تعاني “تويتر” من المخاطر ذاتها؟

وبينما عادة ما يكون تغيير الهوية مرتبطاً بمخاطر واسعة، إلا أنه بالنسبة لتويتر، يرتبط تغيير الشعار بعددٍ من المحددات الرئيسية المرتبطة بتصور الشركة لمستقبلها كمنصة جامعة لعددٍ من التطبيقات، وفي ضوء المنافسة القوية مع منصات أخرى.

هذا ما يؤكده في حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أخصائي التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، والذي يشير إلى أن:

– إيلون ماسك (مالك تويتر) يطمح لتطوير الشركة، كمجموعة موسعة تحمل شعار (X) وهو لديه بالفعل شركات بهذا الاسم، من بينها سبيس إكس (شركة تقنيات استكشاف الفضاء، تعمل في مجال الطيران والنقل الفضائي، تأسست في العام 2002، لتقليل تكاليف النقل الفضائي وللتمكن من استعمار المريخ، كما أطلقت عديداً من الأقمار الصناعية لخدمة الإنترنت ستارلنك).

– على ما يبدو أن إيلون ماسك يُجرّب في تطوير شركاته ليصير لديه أكثر من خدمة في منصة واحدة، بحيث يصير لديه أيضاً تطبيق للدردشة على غرار (واتساب)، وهي خطوة يطمح إليها لتطوير الشركة ورفع قيمتها السوقية وقدرتها على المنافسة بالسوق.

– يستفيد إيلون ماسك من أرضية خصبة مثل “تويتر” بعد أن استحوذ عليه، ويتمتع بقاعدة مستخدمين واسعة بما يمكنه من البناء عليها بشكل كبير.

ويشير الناطور إلى أن تغيير الهوية عادة ما يقابل بضجة كبيرة وردود أفعال مختلفة، فلقد غيّر ماسك لفترة محدودة شعار تويتر إلى شعار العملة المشفرة “دوج كوين”، ما كان له مردود ملحوظ على ارتفاعها (زيادة القيمة السوقية للعملة بأربعة مليارات دولار). وقد أحدث ذلك ضجة إعلامية واسعة، هذه الضجة عادة ما تساعد على ارتفاع أسهم الشركات والمؤسسات.

ويوضح أخصائي التطوير التكنولوجي، في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” دلالات استخدام شعار (X) بديلاً عن طائر تويتر الشهير، قائلاً:

– حرف الـ X يرمز إلى الشيء المجهول.

– من الناحية البصرية في عالم التكنولوجيا والهوية البصرية فإن الحرف له دلالات كثيرة، سواء لجهة ما يرمز إليه، وكذلك لجهة ارتباطه بمجموعة شركات ماسك.

– حرف الـ (X) يرمز إلى شيء لا متناهي أو مجهول، وهو دليل أن إيلون ماسك يطمح إلى توسعة أنشطة المنصة إلى تطبيقات مختلفة عبر التطبيق الأم.

– في تقديري، إيلون ماسك يطمح لتحويل تويتر لمجموعة من التطبيقات بدمجه في تطبيق واحد وهو (X) حتى لا يضطر المستخدم إلى تحميل أكثر من تطبيق على هاتفه، وبما يلبي احتياجات المستخدمين والشركات في العمل التجاري والإعلامي، وباستخدام قاعدة المستخدمين العريضة التي يتمتع بها التطبيق.

وتحت قيادة ماسك الصاخبة للمنصة منذ أن اشتراها في أكتوبر الماضي، غيّرت الشركة اسم أعمالها إلى “إكس كورب” بما يعكس رؤية الملياردير لتطوير “تطبيق فائق” على غرار تطبيق “وي تشات” الصيني.

دلالات الشعار الجديد

ومما يؤكد كون تغيير الشعار يحمل دلالات على تغيرات عميقة بالمنصة، هو جملة القرارات الأخيرة التي اتخذها مالك تويتر في سياق إعادة الثقة لمنصته وجذب الجمهور، وهو ما يتجلى -بحسب الناطور- في الإعلان أخيراً على سبيل المثال عن إمكانية حصول المستخدمين على أرباح من خلال نسب ومعدلات مشاهدة الآخرين لملفاتهم الشخصية، ومقابل الإعلانات التي تظهر، بآليات وشروط معينة سوف يتم تحديدها.

ويضيف: “من خلال هذه الخطوة يشعر المستخدم بأنه شريك وليس فقط مستخدماً يتم استغلاله مادياً لتحقيق الأرباح.. بالتالي يُعيد ماسك الثقة لجمهور تويتر وكسب قاعدة أكبر، وبقاء من كانوا يفكرون في ترك تويتر والاتجاه إلى ثريدز”.

ووفق الناطور، فإن “الهوية البصرية الجديدة التي يطرحها ماسك سوف تعطي انطباعاً دائماً بنظر المستخدم أن هناك شيئاً ما جديد ينتظره (تطوير جديد في التطبيق) وهو بذلك يلعب على نفسية المستخدمين ويزيد من الديناميكية (..) عنصر المفاجئة سوف يظل متوافراً وبالتالي يشغل المنافسين بشكل كبير”.

ويوضح أن ماسك استثمرفي شركة جديدة للذكاء الاصطناعي تحمل اسم (X) أيضاً وهي (إكس إيه آي)، وعليه “قد نشهد نقلة نوعية من مجرد تطبيق للتغريد إلى تطبيق شامل تندرج تحته مجموعة من التطبيقات بام في ذلك الذكاء الاصطناعي”.

هل يخسر إيلون ماسك الرهان؟

لكن على الجانب الآخر، يشير الأستاذ بجامعة ماكماستر الكندية، مارفن رايدر، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن هناك سببين لإعادة تسمية أي شركة، وبالتالي إعادة وضعها.

– السبب الأول هو أن الشركة التي عانت من خلفية سيئة تريد تغيير الاسم وإعادة فتحها على أمل أن يشير الاسم الجديد إلى فصل جديد في حياة الشركة. يمكنك أن تتخيل مطعماً محلياً يعاني من حريق، يريد إعادة فتحه ولكنه يختار اسماً جديداً لاقتراح طريقة جديدة للعمل.

-السبب الثاني هو أن الشركة تقوم بتحويل استراتيجي بعيداً عن خط عمل واحد إلى خط جديد وأن الاسم القديم سيضر بهذا الاتجاه.

ويضيف: لنفترض أن شركة Pepsi-Cola أرادت فتح مصرف. عند استدعاء البنك الجديد ، لن تغرس شركة Pepsi-Cola ثقة المستهلك كثيراً. إن استدعاء الشركة الجديدة “PC Bank” قد يمنحها فرصة أفضل للنجاح.

أما عن الوضع بالنسبة لـ “تويتر”، فيقول:

– إيلون ماسك عندما استحوذ على تويتر، علاوة على دفعه القيمة الدفترية للشركة، فإنه في الأساس كان يشتري السمعة الحسنة المرتبطة بعلامة Twitter التجارية.

– إن إعادة تسمية الشركة وإلغاء اسم Twitter يعني “التخلص من 5 إلى 10 مليارات دولار من السمعة الحسنة”!

– قد يشير ماسك إلى أن الشركة ستقدم بعض المنتجات والخدمات الجديدة. لا أفهم لماذا لا يمكن إعطاء هذه المنتجات الجديدة اسمها عندما يحين الوقت.

-قررت Google إنشاء شركة أم لامتلاك الأنظمة الأساسية المختلفة التي تديرها. لم تتجاهل اسم Google أو YouTube التجاري.

– Facebook اتبع هذا المسار عندما أعطى الشركة الأم اسم Meta لكنه لم يلمس أسماء العلامات التجارية Facebook أو Instagram.

– يمكنني حتى أن أجادل في أن Twitter فعل شيئًا لا تحلم به سوى القليل من العلامات التجارية – إضافة اسم العلامة التجارية إلى القاموس ككلمة- نستخدم الآن كلمة “google” لتعني البحث عن المعلومات. وبالمثل ، عندما ننشر فكرة ليراها العالم ، فإننا “نغرد” عنها. حتى Facebook لم يحقق هذا الوضع.

– أخيراً، يمكن لإيلون ماسك القيام بذلك لأنه “غير مسؤول” أمام مجلس الإدارة أو المساهمين. Twitter هي شركته الخاصة ويمكنه أن يفعل بها ما يشاء.

ويختتم حديثه بقوله: “بقدر ما أفهم، إيلون يحب الكلمة أو الرمز X.. ويشار هنا إلى شركته SpaceX، وتسلا لديها موديل X في تشكيلتها”.





المصدر


اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *