- كيلي نغ، وجان ماكنزي
- بي بي سي نيوز
قالت السلطات في كوريا الجنوبية إنها ستجري اختبارات إشعاعية على 881 منشقا كوريا شماليا بعد أن أثيرت مخاوف بشأن تعرضهم للتجارب النووية لكوريا الشمالية.
يأتي ذلك بعد أن حذر تقرير بحثي من أن السكان حول “بانغي-ري”، الموقع الرئيسي لإجراء التجارب النووية في كوريا الشمالية، قد يتعرضون لتسريبات إشعاعية في المياه.
وتقول منظمة غير حكومية، تحمل اسم مجموعة عمل العدالة الانتقالية، إن ما يصل إلى نصف مليون من السكان يواجهون خطر الإشعاعات.
ومن المحتمل أيضا أن يؤثر ذلك على سكان في الصين وكوريا الجنوبية واليابان.
وحللت المنظمة – التي تأسست في سيول في عام 2014 من قبل نشطاء وباحثين من كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا – بيانات متاحة للجمهور ومعلومات استخباراتية مفتوحة المصدر لتقريرها الأخير.
وكانت آخر تجربة أجرتها كوريا الشمالية على قنبلة نووية في عام 2017 – وكانت هذه التجربة هي الأقوى من بين ستة اختبارات أجريت في موقع “بانغي-ري”.
وقالت كوريا الشمالية إن الاختبارات أجريت بأمان، لكن علماء أثاروا مخاوف منذ فترة طويلة من أن مادة مشعة ربما تسربت إلى التربة والمياه الجوفية المحيطة.
وكان المنشقون الكوريون الشماليون، الذين كانوا يعيشون بالقرب من الموقع، قد أبلغوا سابقا عن ظهور أمراض غريبة في مجتمعاتهم، لكن العلماء لم يتمكنوا من الربط بين هذه الأمراض والإشعاعات.
وتدعو السلطات في سول الآن جميع الكوريين الشماليين، الذين فروا من البلدات القريبة من الموقع، أن يخضعوا لفحوصات بحثا عن علامات الإشعاع.
ويشير الخبراء النوويون الذين تحدثت إليهم بي بي سي إلى إمكانية حدوث التلوث النووي الذي أشار إليه تقرير مجموعة عمل العدالة الانتقالية، لكنهم يقولون إنه سيكون من الصعب تحديد مدى انتشاره.
ويمكن للإشعاع النووي أن يتلف الخلايا الحية جزئيا أو كليا، وهو ما يؤدي أحيانا إلى الإصابة بالسرطان. وكما هو الحال مع معظم السموم، فإن المخاطر المرتبطة بالمواد المشعة تعتمد على مقدار التعرض لها.
وأوقفت وزارة الوحدة، وهي إدارة تنفيذية في كوريا الجنوبية تسعى لإعادة توحيد الكوريتين، اختبارات تعرض المنشقين للإشعاع في عام 2019.
وقالت مجموعة عمل العدالة الانتقالية في تقريرها إن تسعة من أصل 40 منشقا خضعوا للاختبار في عامي 2017 و2018 أظهروا “مستويات مقلقة” من التشوهات الجينية. وعلى الرغم من أن المجموعة لم تؤكد بشكل مباشر أن هذا يعود إلى التعرض للإشعاع، فقد لاحظت جرعات إشعاع أعلى في أولئك الذين عانوا من تشوهات أكبر.
وأشارت المجموعة، على وجه الخصوص، إلى تسرب المواد المشعة إلى المياه الجوفية باعتباره مصدر قلق خاص، بالنظر إلى ميل الناس المتزايد لاستهلاك المياه الجوفية.
وتُظهر بيانات التعداد السكاني لكوريا الشمالية لعام 2008 أن سدس الأسر في مقاطعة شمال هامغيونغ الواقعة في أقصى شمال البلاد، حيث يوجد موقع “بانغي-ري”، تستخدم المياه الجوفية للشرب وللزراعة.
ومن المرجح أن تكون هذه النسبة قد ارتفعت بسبب العجز الدائم في الكهرباء في جميع أنحاء البلاد. ولا تتوفر الكهرباء إلا على فترات حتى في العاصمة بيونغ يانغ، التي تحظى دائما بالأولوية في تخصيص الموارد.
وتسارعت وتيرة برنامج الأسلحة في كوريا الشمالية في عهد الزعيم كيم جونغ أون، الذي قال في سبتمبر/أيلول 2022 إن الأسلحة النووية لبلاده لم تعد تهدف فقط لمنع الحرب، ولكن يمكن أيضا استخدامها بشكل استباقي وهجومي، للانتصار في الحرب.
وقال معدو تقرير مجموعة عمل العدالة الانتقالية: “لقد سعى حكام كوريا الشمالية إلى تعظيم الاهتمام الدولي بقدراتها النووية مع تجنب الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان. هناك في الواقع ميل للنظر إلى القضية النووية الكورية الشمالية من منظور أمني فقط”.
وقال الصحفي المستقل في مجال شؤون الطاقة، كريس كراغ: “الشيء الغريب للغاية هو أن كوريا الشمالية تزيد وتيرة اختباراتها النووية لمواصلة تذكير العالم بأن لديها التكنولوجيا، كإشارة سياسية وليست تقنية. لقد توقف باقي العالم إلى حد كبير عن اختبار الأسلحة النووية لأنه يعرف كيف يكون تأثير القنابل”.
وقال مارك ديسيندورف، الباحث في سياسة الطاقة بجامعة نيو ساوث ويلز، إن جرعات الإشعاع العالية في المنشقين التي أشارت إليها المجموعة – حوالي 100 ضعف المتوسط العالمي للإشعاع الطبيعي – من المرجح أن تزيد من خطر الإصابة بالسرطان لدى أولئك المعرضين للإشعاع. لكنه تساءل عن كيفية قياس أو تقدير هذه الجرعات.
وأشار إلى أن الاختبارات التي تجري تحت الأرض ليست فعالة للغاية في احتواء الإشعاع.
وقال سكوت سنايدر، المتخصص في الدراسات المتعلقة بكوريا في مجلس العلاقات الخارجية، إن تاريخ التجارب النووية في جميع أنحاء العالم قد وجد “ارتباطا ثابتا إلى حد كبير بين التعرض للإشعاع والتأثير على الصحة العامة للسكان المقيمين في مناطق قريبة”.
وأضاف أنه “ليس من المستغرب” عدم الاهتمام بالتأثير الصحي والبيئي لهذه الإشعاعات في كوريا الشمالية.
وقالت مجموعة عمل العدالة الانتقالية إن الدول المجاورة، مثل كوريا الجنوبية والصين واليابان، قد تكون معرضة أيضا للخطر بسبب تهريب وتوزيع المنتجات الزراعية والبحرية، وكذلك الأشياء التي تتميز بها كوريا الشمالية مثل فطر الصنوبر، من المناطق القريبة من موقع “بانغي-ري”.
وقالت المجموعة إن حكومات هذه الدول لا تفعل ما يكفي لحماية سكانها من هذه المخاطر.
وأشارت إلى أن حكومة كوريا الجنوبية تعرضت لانتقادات في عام 2018 لقيامها بتوزيع فطر الصنوبر الذي تلقاه رئيسها آنذاك مون جاي إن كهدية من كيم جونغ أون على حوالي 4000 أسرة مُسنة – بدون اختبارها للكشف عن الإشعاع، حسب تقارير.
وزعمت المجموعة أن السلطات الصينية قد أخفقت أيضا في وقف تهريب المنتجات الزراعية والبحرية من كوريا الشمالية إلى داخل الصين أو إلى دولة ثالثة.
وحثت المجموعة السلطات في كوريا الجنوبية والصين على الكشف عن نتائج الاختبارات السابقة للتعرض للإشعاع. كما دعت المجموعة إلى إجراء تحقيق دولي في مخاطر الإشعاع التي تتعرض لها المجتمعات حول موقع “بانغي-ري”. ية
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.