وقالت لرويترز خارج خيمتها: “لا أستطيع النوم ليلا. هل سيحدث نفس الشيء هل سنشهد زلزالا آخر؟ نحن خائفون جدا. لم أنم منذ أسبوع”.
وبعد دقائق، بدأت الأرض تميد تحت قدميها، وسقط الموقد الذي كان عليه إبريق شاي يغلي.
واهتزت بعنف المباني المتضررة القليلة التي نجت من الهزات السابقة قبل أسبوعين، وسقط مزيد من واجهاتها.
تصاعد الغبار من الأرض مع تحطم الخرسانة والطوب، مما أثار سحابة داكنة في الهواء أعاقت الرؤية. وظلت بعض المباني المحيطة بالمتنزه ينبعث منها صرير التصدع بعد دقائق من وقوع الزلزال.
تعالت الصرخات وارتفعت الأصوات بالتكبير في المخيم المقام بالمتنزه المركزي.
وحين استبد الخوف بالناس لاذوا بالفرار بعضهم بلا أحذية.
وأمسك البعض بأطفالهم وزوجاتهم واحتضنوهم بشدة، وركض البعض بلا حول ولا قوة. ووقع آخرون على الأرض.
كابوس متكرر
وهربت هافا (33 عاما)، وهي أم لثلاثة أطفال وبلا زوج، أولا من خيمتها وهي تصرخ وتبكي. وخرت على الأرض، وكادت تفقد الوعي. فالخوف الذي منعها النوم ليلا أسبوعين قد تجسد الآن وصار حقيقة تعيشها وتكابد مرارتها.
وركض محمد أوسلو (18 عاما)، ابن هافا، وسكان آخرون إليها محاولين مواساتها. قالت: “قلبي يخفق بشدة”.
وطلب منها عمال الإغاثة الذين انتشروا في المتنزه لتفقد الناس أن تجلس وتهدأ وتشرب بعض الماء. لكن قلبها كان في مكان آخر فقد كانت تريد الاطمئنان على ابنتيها اللتين مكثتا مع جدتهما في قرية مجاورة طوال الليل حتى يتمكنا من الاستحمام.
وأخبر محمد شقيقتيه عبر الهاتف ألا يدخلوا أي مبنى. وردت واحدة منهن قائلة: “حدث زلزال وخرجنا” وأضافت أن الكهرباء انقطعت.
وقالت هافا إنها ستغادر المدينة وتذهب إلى أدرنة على الحدود الشمالية الغربية لتركيا على بعد 1350 كيلومترا.
وقالت لابنتها “سأصطحبك وسنغادر”. فأجابت الابنة “إلى أين نذهب؟ ألن يكون هناك زلزال؟ سيقع زلزال هناك أيضا”.
وشاهدت رويترز الثلاثاء هافا مع محمد وابنتيها خارج وسط مدينة أنطاكيا وهم يستقلون حافلة تنقلهما إلى أدرنة مجانا.
وقالت هافا لرويترز: “أعاني من صداع شديد.. رأيتم كيف كنا بالأمس”.
وشعر مراد فورال، وهو حداد يبلغ من العمر 47 عاما، كان في المخيم الاثنين، أن الزلزال كما لو أنه القيامة. وقال: “بالنسبة لي هذه واحدة من علامات الساعة. شعرت أننا سنموت، وأننا سندفن هنا”.
واتصل بصديقه بعد وقت قصير من وقوع الزلزال الاثنين ليخبره أن عليهما مغادرة المدينة أيضا.
وقال: “هذا لم يعد مكانا يمكننا البقاء فيه. نحن قلقون على حياتنا في أغلب الوقت. الموت راحة للجميع لكن الحياة جميلة أيضا”.
اكتشاف المزيد من جريدة الحياة الإلكترونية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.